الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
732- الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ:رُوِيَ أَن أَبَا بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كَانَ يخْفض صَوته بِالْقُرْآنِ فِي صلَاته وَيَقُول أُنَاجِي رَبِّي وَقد علم حَاجَتي وَكَانَ عمر يرفع صَوته وَيَقُول أزْجر الشَّيْطَان وَأُوقِظ الْوَسْنَان فَأمر أَبَا بكر أَن يرفع قَلِيلا وَأمر عمر أَن يخْفض قَلِيلا قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي قَتَادَة وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث عَلّي، وَأما حَدِيث أبي قَتَادَة فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي التَّهَجُّد من حَدِيث ابْن إِسْحَاق السيلَحِينِي أَخْبرنِي حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن عبد الله بن رَبَاح عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج لَيْلَة فَإِذا هُوَ بِأبي بكر يُصَلِّي يخْفض من صَوته وَمر بعمر بن الْخطاب وَهُوَ يُصَلِّي رَافعا صَوته قَالَ فَلَمَّا اجْتمعَا عِنْد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا أَبَا بكر مَرَرْت بك وَأَنت تصلي خَافِضًا صَوْتك» قَالَ قَالَ: قد أسمعت من نَاجَيْت يَا رَسُول الله وَقَالَ لعمر بن الْخطاب: «مَرَرْت بك وَأَنت تصلي رَافعا صَوْتك» قَالَ يَا رَسُول الله: أُوقِظ الْوَسْنَان وَأطْرد الشَّيْطَان.انْتَهَى بِلَفْظ أبي دَاوُد وَزَاد فِي رِوَايَة بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بكر ارْفَعْ من صَوْتك شَيْئا وَقَالَ لعمر: «اخْفِضْ من صَوْتك شَيْئا» انْتَهَى.وَلَفظ التِّرْمِذِيّ عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأبي بكر «مَرَرْت بك وَأَنت تقْرَأ تخْفض من صَوْتك» فَقَالَ: إِنِّي أسمعت من نَاجَيْت فَقَالَ: «ارْفَعْ قَلِيلا» وَقَالَ لعمر: «مَرَرْت بك وَأَنت تقْرَأ ترفع صَوْتك» قَالَ: إِنِّي أُوقِظ الْوَسْنَان وَأطْرد الشَّيْطَان قَالَ: «اخْفِضْ قَلِيلا». انْتَهَى.وَقَالَ: حَدِيث غَرِيب صَحِيح وَإِنَّمَا أسْندهُ يَحْيَى بن إِسْحَاق السيلَحِينِي عَن حَمَّاد بن سَلمَة وَأكْثر النَّاس رَوَوْهُ هَكَذَا عَن عبد الله بن رَبَاح مُرْسلا انْتَهَى.وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله: سَأَلت أبي عَن حَدِيث رَوَاهُ يَحْيَى بن إِسْحَاق السيلَحِينِي عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن عبد الله بن رَبَاح عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعشَاء فَقَامَ أَبُو بكر فَقَرَأَ.. إِلَى آخِره فَقَالَ أبي أَخطَأ فِيهِ السيلَحِينِي وَالصَّحِيح عَن عبد الله بن رَبَاح أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسلا انْتَهَى.وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الأول من الْقسم الْخَامِس حَدثنَا ابْن خُزَيْمَة أَنا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم حَدثنَا يَحْيَى بن إِسْحَاق السيلَحِينِي وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه كَذَلِك وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْقِصَّة لم يقل فِيهِ لأبي بكر ارْفَعْ شَيْئا وَلَا لعمر اخْفِضْ شَيْئا زَاد «وَقد سَمِعتك يَا بِلَال وَأَنت تقْرَأ من هَذِه السُّورَة وَمن هَذِه السُّور وَقَالَ كلكُمْ أصَاب». انْتَهَى.وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّد بن عَمْرو بِهِ وَلم يذكر فِيهِ قصَّة بِلَال.وَأما حَدِيث عَلّي فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب أَيْضا فَقَالَ أخبرنَا عَلّي بن أَحْمد ابْن عَبْدَانِ أَنا أَحْمد بن عبيد الصفار حَدثنَا عَبَّاس بن الْفضل حَدثنَا منْجَاب حَدثنَا ابْن أبي زَائِدَة يَحْيَى بن زَكَرِيَّا عَن أَبِيه عَن أبي إِسْحَاق عَن هَانِئ بن هَانِئ عَن عَلّي قَالَ كَانَ أَبُو بكر يُخَافت من صَوته إِذا قَرَأَ وَكَانَ عمر يجْهر بقرَاءَته فَذكر ذَلِك للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لأبي بكر: «لم تخَافت قَالَ إِنِّي اسْمَع من أُنَاجِي وَقَالَ لعمر لم تجْهر؟ قَالَ أطْرد الشَّيْطَان وَأُوقِظ الْوَسْنَان قَالَ فَكل طيب» انْتَهَى.وَرَوَى الطَّبَرِيّ هَذَا الحَدِيث فِي تَفْسِيره عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ نبئت أَن أَبَا بكر.. فَذكره مُرْسلا وَفِيه فَقَالَ أُنَاجِي رَبِّي وَقد علم حَاجَتي.. الحَدِيث لم أجد هَذِه اللَّفْظَة إِلَّا عِنْده.733- الحَدِيث الْأَرْبَعُونَ:كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا أفْصح الْغُلَام من بني عبد الْمطلب علمه هَذِه الْآيَة: {وَقل الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا..} إِلَى آخرهَا.قلت رَوَاهُ ابْن السّني فِي كِتَابه عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله ابْن زَيْدَانَ البَجلِيّ حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبد الْكَرِيم بن أبي أُميَّة عَن عَمْرو ابْن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا أفْصح الْغُلَام.. إِلَى آخِره وَمن طَرِيق ابْن السّني رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق فِي مصنفيهما حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبد الْكَرِيم بن أبي أُميَّة عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. فذكره معضلا لَيْسَ فِيهِ عَن أَبِيه عَن جده.734- الحَدِيث الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ:عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من قَرَأَ سُورَة بني إسرائيل فرق قلبه عِنْد ذكر الْوَالِدين كَانَ لَهُ قِنْطَار فِي الْجنَّة وَالْقِنْطَار ألف أُوقِيَّة وَمِائَتَا أُوقِيَّة».قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث ابْن عَمْرو مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الشُّرُوطِي حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن شريك بن الْفضل الْكُوفِي حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس اليرعوبي حَدثنَا سَلام بن سليم حَدثنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. فذكره وَلم يقل فِيهِ وَمِائَتَا أُوقِيَّة وَإِنَّمَا قَالَ وَالْقِنْطَار ألف أُوقِيَّة الْأُوقِيَّة مِنْهَا خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا انْتَهَى.رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ الأول فِي آل عمرَان بِلَفْظ المُصَنّف وَبِسَنَدِهِ الثَّانِي بِلَفْظ الثَّعْلَبِيّ وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط بِسَنَد الثَّعْلَبِيّ الْمَذْكُور. اهـ.
يصف الليل المتقدم على هذا البيت في قوله: وليس لليل صلب ولا إعجاز ولا كلكل فهو مجاز، وأراد به تكامله واستواءه.ثم بين اللّه تعالى أن الذي يلزمه لهما ليس مقصورا على منافع الدنيا، بل يلزمه مع ذلك ما يمكن في باب الآخرة من الدعاء، لأنه لا يقدر منهما على ما سواه، فقال: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا}.بين العلة في لزوم الدعاء لهما، وبين أنه يلزم الولد من الدعاء للوالدين، أكثر مما يلزمه في غيرهما.قوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ}، الآية/ 26.أبان اللّه تعالى أن على كل واحد منا مراعاة مراتب مستحقي الحقوق، فبدأ بحق اللّه تعالى فقال: {وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} وقرنه بذكر الوالدين، وعقب ذلك بقوله: {وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ}، وظاهر العطف أنه قريب الإنسان.وقد قيل: عنى به قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم.والأمر بالإحسان إلى الوالدين عام في جميع الناس، وكذلك ما عطف عليه من إيتاء ذي القربى.قوله تعالى: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} والتبذير عند الشافعي إنفاق المال في غير حقه، فلا تبذير في عمل الخير.وقال مجاهد: لو أنفق مدا في باطل كان تبذيرا.وقد ثبت في سورة البقرة الحجر على المبذر، وما يتعلق به من الأحكام.ثم أبان اللّه تعالى تحريم التبذير بقوله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ}، الآية/ 27.ثم قال تعالى في تخصيص نبيه صلّى اللّه عليه وسلم: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا}، الآية 28.وهو تأديب عجيب، وقول لطيف بديع، فإنه تعالى قال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها}: أي لا تعرض عنهم إعراض مستهين عن ظهر الغنا والقدرة فتحرمهم، وإنما يجوز له أن يعرض عنهم عند عجز يعرض، وعند عائق يعرض، وأنت عند ذلك ترجو من اللّه فتح باب الخير لتتوصل به إلى مواساة السائل، فإن قعد بك الحال عن المواساة {فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا}، يعمل في مسرة نفسه عمل المواساة فتقول: اللّه يرزق، واللّه يفتح بالخير.
|